مجلة جامعة الملكة أروى

بسم الله الرحمن الرحيم

"وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا..." [المزمل: 20].

بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، وأرواح تعتصرها مشاعر الحزن العميق والفقد الكبير، تطل عليكم مجلة جامعة الملكة أروى في عددها الثامن والعشرين وهي تحمل بين طياتها غصة الفراق ووجع الخسارة. فقد انتقلت إلى جوار ربها الأستاذة الدكتورة وهيبة غالب فارع الفقيه، بانيَتنا ومؤسستنا، التي كانت نبراسًا للعلم والإبداع، ورمزًا للريادة والتفاني في خدمة الإنسانية.

رحلت د. وهيبة بعد مسيرة حافلة بالعطاء والإبداع، تركت فيها بصمات لا تُمحى على التعليم العالي، حقوق الإنسان، والتنمية المجتمعية. لم تكن فقط أول امرأة يمنية تتولى وزارة حقوق الإنسان أو أول رئيسة لجامعة خاصة في اليمن، بل كانت مشروعًا وطنيًا وإنسانيًا شاملًا. أسست جامعة الملكة أروى عام 1996 لتكون منارة للمعرفة ومصنعًا للأفكار الإبداعية، وجعلتها صرحًا أكاديميًا شامخًا يعكس طموحاتها الكبيرة لبناء مستقبل أفضل لليمن وللأجيال القادمة.

إن فقدان شخصية بحجم د. وهيبة غالب فارع الفقيه يترك فراغًا عميقًا في المشهد الأكاديمي والإنساني، لكنه في الوقت ذاته يضع علينا جميعًا – أساتذة وباحثين وطلابًا – مسؤولية استكمال المسيرة التي بدأتها. إن إرثها الذي تمثل في التزامها بالبحث العلمي، ودعمها المستمر للقضايا الإنسانية، وحرصها على تعزيز التعليم كوسيلة للتغيير الإيجابي، سيكون دائمًا مصدر إلهام لنا جميعًا.

وفي هذا العدد، تسلط المجلة الضوء على قضايا معاصرة تتناول أبعادًا سياسية وتعليمية وتكنولوجية واجتماعية. يدرس أحد الأبحاث التحليلية دور جنوب أفريقيا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مستكشفًا مدى تأثيرها على الساحة الدبلوماسية العالمية. كما يفتح أحد الأبحاث الحديثة نافذة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، متناولًا إمكانات وأثر أدوات مثل ChatGPT في المشهد التعليمي ومدى فعاليتها في تعزيز قدرات الطلاب. وفي السياق ذاته، يناقش عدد من الدراسات تأثير العوامل السلوكية والاقتصادية على حياة الأفراد والمجتمع، إذ يتناول بحث علمي العلاقة بين التغذية السليمة والتحصيل الأكاديمي لطلاب الكليات الطبية، بينما يبحث آخر في مدى تقبل المجتمع اليمني لاستخدام المحافظ الإلكترونية باعتبارها أحد الحلول المالية الحديثة. علاوة على ذلك، يناقش أحد الأبحاث تأثير التطور التكنولوجي على معدلات البطالة في القطاعات الصناعية، متتبعًا التحولات التي تشهدها بيئات العمل في ظل الرقمنة المتسارعة. وفي المجال التقني، تقدم المجلة مراجعة شاملة للعوامل الحرجة لنجاح تطوير البرمجيات باستخدام منهجية "سكرم"، مسلطة الضوء على تحدياتها وأفضل ممارساتها وفقًا لأحدث الأدبيات العلمية.

إننا إذ نقدم هذا العدد، فإننا نجدد العهد بأن نبقى أوفياء لإرث د. وهيبة غالب فارع الفقيه، وأن نواصل السير على الدرب الذي رسمته لنا. سنعمل بكل جهد وإخلاص لنشر العلم والمعرفة، ولجعل هذه المجلة منارةً للإبداع والتميز، تمامًا كما أرادت لها أن تكون.

ختامًا، نرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى أن يتغمد فقيدتنا الغالية بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنها فسيح جناته، وأن يلهم أسرتها الكريمة وزملاءها ومحبيها الصبر والسلوان.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

هيئة تحرير مجلة جامعة الملكة أروى