أزمة التعليم في الجمهورية اليمنية وتحديات القرن الواحد والعشرون
DOI:
https://doi.org/10.58963/qaujscs.2013.5.145الكلمات المفتاحية:
أزمة التعليم ، تحديات التعليمالملخص
حدثت خلال العقدين الماضيين تطورات إقليمية وعالمية هائلة في مجالات الاقتصاد والاجتماع والتكنولوجيا والثقافة، وقد صنف الخبراء العالميون التغييرات التي حصلت في العالم خلال تلك الفترة إلى عشر ثورات عالمية: منها ثورة الاتصالات وثورة المعرفة، والثورة العلمية، وثورة العولمة، والثورة الاجتماعية والثورة الاقتصادية وقد بدأت ثورة المعلومات والاتصالات مسيرتها. وأخذ التطور السريع الذي تشهده تكنولوجيا المعلومات والاتصالات يؤثر تأثيراً متزايداً على كافة جوانب حياتنا اليومية. ومن هذا المنطلق أصبح لزاماً على المؤسسات العامة والخاصة في بلادنا التكيف مع المعطيات التقنية الجديدة بطريقة تمكنها من الانتفاع بها على الوجه الأكمل، وتعمل على الحد من الأخطار التي تكمن فيها، حيث أننا لم نعد مجتمع من المجتمعات في جزيرة ثقافية محصورة أو معزولة قائمـة بذاتها؛ إلا أن التأثير والتأثر بها حاصل ولو بنسب محدودة.
وعادة ما تحدث الأزمة التعليمية نتيجة تراكم مجموعة من التأثيرات الخارجية المحيطة بالنظام التعليمي مثل تدني المستوى العلمي، وتخلف المناهج، أو حدوث خلل مفاجئ يؤثر على المقومات الرئيسة للنظام التعليمي ويشكل تهديداً صريحاً وواضحاً لجودته ونوعيته ولبقائه.
والأزمة التعليمية في الجمهورية اليمنية وخاصة داخل المؤسسات التعليمية بمختلف مراحله كالتعليم الأساسي والثانوي والتعليم العالي فهي حالة مزمنة غاب عنها التحديث والتطوير، وعدم التنظيم وخلل في سيادة الإدارة التقليدية، ويقر الكثيرون بعدم قدرة القيادات الإدارية للمدارس والجامعات على مواجهة موقف معين باستخدام الطرق التقنية والمتطورة في التعامل مع المواقف التربوية والأكاديمية.
ومن بعض الأمور التي تؤدي إلى ظهور مثل هذه الأزمة التعليمية :
- عدم توافر المباني التعليمية وملحقاتها التعليمية بشكلٍ كاف، وبجودة مناسبة.
- ضعف إعداد المعلم والأستاذ أثناء الخدمة.
- اكتظاظ المناهج والمقررات الدراسية وتركها بدون تطوير أو تحسين.
- الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص.
- الكثافة الطلابية، وازدحام الفصول والقاعات الدراسية.
- وجود خلل في العملية التعليمية.
- غياب الفلسفة التعليمية الواضحة.
- غياب الوعي الاجتماعي بأهمية التعليم ودوره في التقدم مواكبة العصر.
- غياب التقييم الذاتي، والاعتماد الأكاديمي. (المذحجي 2009، عمادالدين1997م).
واليمن كغيرها من دول العالم تتأثر بما يحدث حولها، فقد حولت القنوات الفضائية وثورة الاتصالات والمواصلات السريعة المجتمع الدولي إلى كيان بشري واحد يعيش في قرية الكترونية متقاربة الأجزاء والمنافع. وقد أدت الثورة الاقتصادية إلى تناقص نسبة القوى البشرية العاملة في قطاعي الزراعة والصناعة وتزايد نسبتها في قطاع الخدمات نتيجة للتقدم التكنولوجي، وتسارعت الأحداث الاقتصادية العالمية نحو تشكيل نظام اقتصادي عالمي حر أدي إلى تحطيم الحواجز الحدودية والجمركية بين الدول وإلى حرية التجارة العالمية وذلك، فيما يعرف بالعولمة؛ كل هذه المتغيرات تدعو للتهيؤ والاستعداد والإعداد للتعامل مع المؤثرات العالمية من أجل الانتفاع بإمكاناتها ومخترعاتها، والحد من أخطارها وآثارها السلبية، ويتطلب ذلك إعادة النظر في نظامنا التربوي وتطويره بما يحافظ على أصالتنا وقيمنا الثابتة وخصوصيتنا العربية والإسلامية، ويتيح لنا في الوقت نفسه الانتفاع بالنواحي الإيجابية للتطورات العالمية ومواكبتها. وفي ضوء ذلك أكد الخبراء الدوليين في أكثر من مجال أهمية إعطاء الأولوية العليا للتعليم في الإنفاق الحكومي؛ لأن الاستثمار في التعليم لا يشكل استثماراً في مستقبل البلد فقط بل في مستقبل البشرية جمعاء، خاصة ونحن شعب فتي تشكل فئات العمر فيه من 7 إلى 19 أكثر من 50% تقريباً من عدد السكان؛ كما أن هناك عدد كبير من القوى العاملة بحاجة إلى تدريب وتأهيل تقني عالي لمواكبة ومسايرة دول الجوار والعالم المتحضر وتلبية متطلباتها التنموية التي أيضاً هي متطلبات مجتمعنا على السوي، حيث تواجهنا الكثير من التحديات. (تركي 2007/ نازم 2007).
وشعب هذه طبيعته يشكل بحد ذاته تحدياً كبيراً لابد أن يحظى بأولوية في التفكير التنموي ومن هو في سوق العمل بحاجة ماسة إلى التدريب والتأهيل. إضافة إلى ذلك، فهناك تحديات كثيرة تواجه مجتمعنا على المستويين المحلي في ظروفه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعالمي وذلك على النحو الآتي:
أولاً: على المستوى المحلي:
- أ- الظروف الاقتصادية والتي تتمثل في:
- اتساع سيطرة القطاع العام والضعف النسبي للقطاع الخاص.
- صعوبة عمليات الإصلاح الاقتصادي وما يترتب عليها من تبعات.
* الخصخصة والمشاكل الناجمة عنها بالنسبة للعمالة.
* سياسة الاقتصاد الحر والتحديات التي تصاحبها.
- انعدام الثقة في كثير من الأحيان بين القطاع الخاص والسلطات الحكومية.
- صعوبة التعامل مع الأوضاع الدولية الجديدة (العولمة، اتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية، والشراكة الأورومتوسطية .... الخ)
- مشكلة الأوضاع الإقليمية المستجدة (الإرهاب، النزاعات العسكرية، ارتفاع معدلات البطالة حالة الكساد العالمي، ... الخ .)
- مشاكل وصعوبة تمويل الأنظمة التعليمية والتدريبية لضمان الاستمرارية (Sustainability). (نازم 2007م، عنائب 1418ه).
كما أدت ثورة المعلومات إلى إحداث تغير جذري في المجال الاقتصادي والاجتماعي شمل رأس المال وطرائق الإنتاج وأشكاله وعلاقاته. حيث تراجعت أهمية عناصر وطرائق الإنتاج التقليدية والمواد الخام في قيمة السلعة، وأصبحت المعلومات هي العنصر الأهم وأصبح المدير المتميز هو من يمتلك معارف ومعلومات أكثر حداثة، ومهارات استخدام التقنيات، وترتب على ذلك أن أصبح رأس المال المعرفي والتقني أكثر أهمية وأعمق أثر من رأس المال المادي. أمام هذه المتغيرات وفى مواجهة تلك التحديات يجب أن نسعى إلى التغير المطلوب وفق حاجاتنا المعاصرة، وسرعة تحديد تلك التحديات.
- ب- الظروف الاجتماعية والثقافية:
- مشكلة توزيع وتقسيم الطبقات الاجتماعية إلى طبقات متفاوتة المستويات في كل المجالات.
- التعامل مع الاتجاهات الفكرية السائدة تجاه الأنواع المختلفة من التعليم والتعلم والتطلع إلى التعليم العالي المتميز.
- ضعف أو عدم القبول والرضا الاجتماعي للأعمال اليدوية والمهنية.
- العادات والتقاليد الموروثة والتأثير القوي للدين والعادات والتقاليد على الحياة الاجتماعية والثقافية.
- القوانين والتشريعات والأعراف القائمة والبالية والتي تعوق التطوير.
- البيروقراطية والمقاومة التقليدية للتغيير ولكل ما هو جديد.
- التناثر المؤسسي والأنانية.
- عدم وجود جهة موحدة مسئولة عن وضع وصياغة متطلبات التعليم الجيد (ضمان الجودة، منح الشهادات، المستويات القياسية للمهارات، الاعتماد الأكاديمي، إطار وطني للمؤهلات... الخ).
- عدم رسوخ ثقافة التعليم مدي الحياة، والتعلم الذاتي.
- عدم الاهتمام الكافي بالفئات المهمشة وذوى الاحتياجات الخاصة والإناث. (نازم 2007 / الفار 1998م).
ثانياً: على المستوى العالمي:
نجد أن هناك من يشير إلى إن أزمة التعليم في اليمن والوطن العربي في حقبة يقف فيها العالم على مشارف العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ويواجه تحديات كبرى تتمثل في مجموعة من القضايا ذات الطابع العالمي من أهمها:
- الانفجار السكاني حيث يتوقع أن يصل عدد سكان الكرة الأرضية عام (2025) إلى حوالي ستة مليارات ونصف المليار نسمة، أغلبهم في دول العالم الثالث، ومنها الوطن العربي واليمن.
- الأزمة البيئية والتدهور البيئي حيث يواجه المجتمع البشرى أزمة حادة في العلاقة بين الإنسان والتنمية والبيئة، ومظاهر التلوث بكل أشكاله والمضرة بالموارد الطبيعية، ونسب توافرها.
- الهجرة من الريف إلى الحضر أصبحت ظاهرة سكانية خطيرة تنطوي على مشكلات ترتبط بالاقتلاع من البيئات الأصلية والانتقال إلى بيئات جديدة تعد القادمين الجدد عبئا ثقيلا متعدد الوجوه والأبعاد، أهمها الاجتماعية والاقتصادية.
- العالم المتداخل المجتمعات حيث تواجه البشرية تحولات عالمية اجتماعية وثقافية واقتصادية وتكنولوجية تفرض معطياتها على النسيج الاجتماعي الوطني والنظام الاقتصادي الإقليمي ومنظومة القيم الإنسانية.
- الانفجار المعرفي المتمثل بثورة المعلومات والتقنيات ووسائل الاتصال وأثر ذلك في إحداث التغير الجذري لأساليب الحياة الفردية والاجتماعية وفى طموحات الشعوب وأمالها نحو التنمية البشرية.
- توجه النظم التربوية نحو التغير والاستجابة لمطالب المجتمعات واستشراف المستقبل وأبحاث البشرية بالتربية وسيلة لتنمية قدرات الإنسان وتمكينه من الانتفاع ببيئته وتطويرها وتهيئتها للتعامل مع ثورة المعلومات بشكل خاص. (عماد الدين 1997 مصطفى 2005).
وعليه فثمة تساؤلات كثيرة تدور في أذهان الكثير من المتابعين والمهتمين بالشأن التربوي والتعليمي في كثير من المؤسسات والجامعات اليمنية، فيما يتعلق بمدخلات النظم التربوية وعملياتها ومخرجاتها، ومدى مواكبتها للعصر الحديث، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الجمهورية اليمنية التي عاشت ردحاً من الزمن، تحت نير الإمامة والاستعمار التي لعبت دوراً كبيراً في صياغة نظم تربوية بدائية قائمة على مناهج ذات طابع تقليدي من جهة، ولخدمة أغراضها الرجعية والاستعمارية من جهة أخرى. وعلى الرغم من مضي أكثر من أربعين عاماً على التحرر من الإمامة والاستعمار منذُ قيام ثورة 26 سبتمبر1962 والاستقلال نوفمبر 1976، واكتشاف الثروة النفطية التي عادت عليها بالمردود المادي، فإن النظم التربوية في اليمن لم تؤتِ أوكلها حتى الآن، ولم تحقق نقلة نوعية في مجتمعنا اليمني على الأصعدة كافة، إضافة إلى تدني مستوى التعليم وتراجع مكانته وقيمته في سلم أولويات المواطن، كما لم تستطع الجمهورية اليمنية القضاء على الأمية الأبجدية التي تجاوزت الستة مليون أمي حسب أخر إحصائية لتقرير الجهاز المركزي للإحصاء 2004م.
وبالرغم مما سبق لقد مر التعليم في اليمن بمراحل مختلفة من التوسع الكمي والنوعي، فقد تمكنت الجمهورية اليمنية بعد ثورتي سبتمبر وأكتوبر من نشر العلم والمعرفة وفتح المدارس في المدن والقرى، والعمل على توفير التعليم وإتاحته لجميع أبناء الوطن ( بنين وبنات) واستجابة لمتطلبات التنمية وإنمائها، وحتى تواكب بلادنا حركة النمو العالمية التي تحتاجها المجتمعات كافة، في المجالات العلمية والتقنية والاقتصادية والاجتماعية وتتفاعل معها إيجابياً شكلت هذه الحركة دافعاً قوياً من أجل المحاولة لإحداث نقلة نوعية عالية الجودة في تطوير التعليم في كل المراحل الدراسية، ومواجه التحديات المختلفة التي تعيقه، وتصور بالحلول المناسبة لتحسين العملية التربوية والتعليمية في الجمهورية اليمنية مواكبة للعصر، ولو أنها لم تتحقق بدرجة مقبولة.
التنزيلات
المراجع
ألفين، توفلر. (1990)، ترجمة محمد علي ناصيف "صدمة المستقبل" مطبعة النهضة، مصر.
ألفين، توفلر. (1990)، ترجمة عصام الشيخ قاسم "حضارة الموجة الثالثة" دار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلام.
الاتجاهات الحديثة في التعليم الجامعي المعاصر وأساليب تدريسه عالم الكتب.
تركي، البيرماني. (2001)، "اتجاهات حديثة في التربية"، مكتبة طرابلس العالمية.
تركي، البيرماني. (2007)، "المناهج الدراسية بين الواقع والطموح" موقع على الانترنت بنفس الاسم.
تركي، البيرماني. (2008) الجامعات العراقية بين الواقع والطموح موقع علي الانترنت.
ديلور، جاك وآخرون. ( 1996 ) التعلم ذلك الكنز المكنوز، تقرير اللجنة الدولية المعنية بالتربية، للقرن الحادي والعشرين، اليونسكو، مركز الكتب الأردني.
رشيد، عادل." ( 2000 ) العولمة وإدارة الأعمال الأردنية: تطلعات ومنطلقات ". جامعة اليرموك.
رضا، محمد جواد. ( 1998 ) "العرب في القرن الحادي والعشرين: تربية ماضوية وتحديات غير قابلة للتنبؤ "، المستقبل العربي، العدد. 230
الروابدة، عبد الرؤوف." ( 1995 ) تحديات التربية العربية في القرن الحادي والعشرين، محاضرة ، مجلة رسالة المعلم، العدد الرابع، المجلد السادس والثلاثون.
سعيد، محمد السيد. ( 2000 ) "عندما يكون التحول الثقافي هو طوق النجاة"، العربي، العدد 494 .
عريفج، سامي وآخرون. ( 1987 )، مناهج البحث العلمي، الطبعة الأولي، عمان.
عنايب، راجي. 1418) ه) " معلومات عن التربية في عصر المعلومات"، المعرفة، العدد 35 .
عماد الدين، منى. ( 1997 ) معلم المستقبل من منظور أردني "، مجلة رسالة المعلم، العدد الرابع، المجلد الثامن والثلاثون.
الفار، إبراهيم عبد الوكيل. ( 1998 ) تربويات الحاسوب وتحديات مطلع القرن الحادي والعشرين، القاهرة، دار الفكر العربي.
كتاب الإحصاء السنوي (2009م) الذي صدر عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي، الجهاز المركزي للإحصاء، الجمهورية اليمنية يونيو2010م.
لونج، هارفي وويثرو، فرانك 2001 "إعداد المدارس والنظم المدرسية للقرن الحادي والعشرين" توصيات مؤتمر مونت فيرنوت الجمعية الأمريكية لمديري المدارس " ترجمة أمل سلامه الشامان، الرياض، مكتبة العبيكات.
مجلة المستقبل العربي العدد 230 مركز دراسات الوحدة بيروت 1998.
مركز الإمارات للبحوث الإستراتيجية 2000 ، موقع على الانترنت.
المذحجي، احمد علوان. (1994) " التربية البيئية تطورها وتعريفها" صنعاء، مطابع المفضل.
المذحجي، احمد علوان. (2009م) " المناهج أسسها وتخطيطها وتطويرها"، دار جامعة تعز للطباعة ونشر، ط1.
المذحجي، أحمد علوان ( 2008) "الأسلوب العلمي لإعداد الورقة البحثية" مطابع المتنوعة، تعز، ط2.
مصطفى، ملكيان. (2005)، ترجمة عبد الجبار الرفاعي وحيدر نجف "العقلانية والمعنوية مقاربات في الفلسفة والدين" دار الهادي ط1.
مطبوعة مشتركة بين البنك الدولي للإنشاء والتعمير/ البنك الدولي والجمهورية اليمنية 2010 يونيو،(MENA) تم النشر بمعرفة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا1818 H Street, NW, Washington, DC 20433, USA ، البنك الدول.
نازم، محمود ملكاوي، عبد السلام نجادات، 2007 م، "تحديات التربية العربية في القرن الحادي والعشرين وأثرها في تحديد دور معلم المستقبل"، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والإنسانية المجلد 4، العدد2.
Druker , Peter (1999): management challenges for the 21st century, library of congress cataloging in - publication data.
Trompenaars, Fons (1993):Riding the waves of culture, London NIOFA.
التنزيلات
منشور
إصدار
القسم
الفئات
الرخصة
الحقوق الفكرية (c) 2023 مجلة المؤتمرات والندوات العلمية جامعة الملكة أروى
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.